ترعة المَحمودية هي ممر مائي فرعي من نهر النيل يخترق مدينة الإسكندرية، وينتهي في البحر الأبيض المتوسط هذا وتغذى ترعة المحمودية محطات مياه الشرب بمدينة الاسكندرية.
حفر الترعة
فى 8 مايو 1807 أمر محمد علي بحفر ترعة المحمودية لتبدأ من النيل قرب قرية العطف وقتها لتصل مياه النيل للإسكندرية عبر البحيرة. ولتكون ممرًا مائيًا للمراكب التجارية بين الإسكندرية والنيل. وكان محمد علي قد أمر كشافين البحيرة بجمع الأنفار، وتجهيز العمال، والبنائين، والحدادين، والمساحين، والفؤوس، والغلقان، والمقاطف، والعراجين، والسلب. و كانوا يسيرون مع كاشف كل منطقة بالطبل والزمور.
وكان كل إقليم تمر به الترعة له حصة من الأقصاب ليحفرها, فإذا انتهي من الحفر يساعد الإقليم المجاور. وأثناء الحفر ظهر ببعض الأماكن مساكن مطمورة وقيعان وحمامات معقودة وظروف بها بداخلها قطع نحاس كفرية قديمة وأخري لم تفتح ولايعلم ما فيها رفعوها لمحمد علي. وفي أبريل 1819توقف العمل بسبب الطاعون وعاد الناس لبلادهم. وكان كل من يموت يدفن في مكانه.
ومن اعماله الجليلة شق ترعة المحمودية )ترعة الاسكندرية القديمة او خليج الاشرفية) وكانت الاتربة والرمال قد طمرتها، فشرع في حفرها وجعل فتحتها من العطف بعد ان كانت الترعة القديمة تاخذ مياهها منالرحمانية، ولم يجعل فتحتها عند الرحمانية لما كان بها من تراكم الردم والرمال.
وقد عني بفتح هذه الترعة عناية كبيرة، فكان يتعهد الاعمال فيها بنفسه، وبذل همة عالية في سبيل اتمامها، وكان غرضه من شقها احياء الاراضي في مديرية البحيرة، وجعل الترعة طريق المواصلات النيلية بين الاسكندرية وداخل البلاد، وكانت المواصلات من قبل بطريق رشيد، ولكن صعوبة اجتياز البوغاز كانت تعطل المواصلات من هذا الطريق، وكان ذلك من اهم البواعث التي حفزت محمد علي باشا على انشاء الترع’، وقد عهد بتصميم حفرها الى مهندس فرنسي، وهو المسيو كوست. ولما تم حفرها افتتحها في 24 يناير سنة 1820 وذهب خصيصا الى الاسكندرية لحضور الافتتاح مصحوبا بابنه ابراهيم باشا وصهره الدفتردار ،وطبوز اوغلي.
وقد اقتضى حفر هذه الترعة بذل مجهودات هائلة ومتاعب جسيمة وضحايا كثيرة احتملها المصريون، واحتسبوا فيها وصابروا وصبروا. ويكفيك لتعرف مبلغ الضحايا التي بذلت في هذا السبيل ما كتبه في هذا الصدد المسيو مانجان الذي كان شاهد عيان لحوادث مصر في ذلك العصر، فقد ذكر انه مات من الفلاحين الذين اشتغلوا في حفر ترعة المحمودية اثنا عشر الفا في مدة عشرة أشهر، وان هؤلاء الموتى دفنوا على ضفتي الترعة تحت اكداس التراب الذي كان يرفعونه من قاعها، وقال ان معظمهم مات من قلة الزاد والمؤونة او من الاعانات في العمل، وكذلك من سوء المعاملة التي كانوا يلقونها من الجنود القساة المنوط بهم حراستهم، فقد كانوا يجبرونهم على العمل المهلك بدون انقطاع ولا هوادة من الفجر الى الليل، وقال ان عدد من اشتغلوا في حفرها بلغ 313000 من الفلاحين جئ بهم من مديريات البحيرة، والغربية، والشرقية، والدقهلية، والمنوفية،والقليوبية، والجيزة.
وقد اتت هذه الترعة بثمرات عظيمة، فمن جهة المواصلات صارت تجري فيها السفن بين الاسكندرية والداخل تحمل حاصلات البلاد او وارداتها، وكانت سببا في عمران البلاد التي مرت بها في اقليم البحيرة واحياء اراضيها، وافاد عمران الاسكندرية منها فائدة كبيرة، اذ جعلتها الترعة ملتقى المتاجر الذاهبة الى داخل البلاد او الاتية منها، فاتسعت حركة التجارة والعمران فيها، فضلا عن ان مياه الترعة قد ساعدت على الاكثار من الزرع وغرس الاشجار والحدائق في ضواحي المدينة، فاتسع نطاق العمران، وابتنى الاغنياء القصور وانشأوا البساتين على ضفاف الترعة في جهات كانت من قبل مقفرة جرداء.
وقد زار المارشال مارمون هذه الجهات سنة 1834 فاستوقفه ما شاهده من الحدائق الغناء المنشأة بعد فتح ترعة المحمودية، وكان يعرف حالة الاسكندرية وضواحيها مذ كان قومندانا للثغر في عهد الحملة الفرنسية، فاستطاع ان يدرك الفارق العظيم بين حالتها القديمة، وما اوجدته الترعة من العمران والتقدم.
وافرد الجبرتي نبذا عديدة لفتح ترعة المحمودية، وهذا يدلك على انها كانت عملا جليلا من اهم اعمال العمران في ذلك العصر، فذكر بدء حفرها في حوادث جمادى الثانية سنة 1232 (ابريل سنة 1817) ، ثم المع الى استمرار العمل فيها في حوادث شعبان سنة 1232 (يونيه سنة 1818)، ثم انقطعت اخباره عنها، والظاهر ان انهماك محمد علي في الحرب الوهابية اذ كانت في دورها الاخير ادى الى انقطاع العمل في حفر الترعة وقتا ما، وعاد الجبرتي الى ذكر اهتمام الباشا بامر الترعة وحفرها في حوادث ربيع الثاني وجمادى الاولى سنة 1234 (يناير وفبراير سنة 1819)، وتكلم في حوادث شوال سنة 1234 (اغسطس سنة 1819) عن ضحايا الترعة، ولعمري ان وصفه ليعطينا فكرة جلية عن مبلغ ما قاساه الفلاحون من الاهوال في حفرها، وكثرة من مات منهم من الشدائد التي عانوها.
فاذا قرات ما ذكره الجبرتي فارجع بفكر الى الماضي، واذكر ان الاراضي الواسعة والبلاد العامرة التي تمر فيها الان ترعة المحمودية من منبعها الى مصبها كانت صحراء قاحلة لا ينبت فيها زرع، ثم تحولت بعد حفرها الى مزارع تزدهر بالحياة والعمران، واذا ذهبت يوما الى دمنهور واخذت الطريق الزراعي المعبد الذي يصل بك الى الاسكندرية، رايت ترعة المحمودية تنساب بمنظرها البديع ومائها الرقراق بين بلدان عامرة، وحدائق غناء ومزارع نضرة، واشجار باسقة ، طيور تحلق زرافات في السماء او تغرد فوق الاغصان المتهدلة على جانبي الطريق، ووجدت على امتداد البصر مناظر تملا النفس بهجة وسرورا، وكلما سرت على الطريق رايته مكتظا والدواب تنقل الناس من مختلف البلاد، وتحمل حاصلاتهم ومتاجرهم، وترى الترعة ذاتها لا ينقطع فيها عبور المراكب والصنادل والبواخر حاملة التجار ذاهبة واتية بين الاسكندرية ودمنهور، فحيثما ذهبت تجد معالم العمران المترامي مداه، وتلمح دلائل الحياة والنشاط والتقدم مرتسمة على كل ما يقع عليه نظرك من مشاهد الطبيعة والخلائق، فاذا سرحت الطرف في تلك المناظر البهجة فاذكر ان الفضل في ذلك العمران يرجع لمن حفروا بايديهم ترعة المحمودية، وبذلوا مهجهم وارواحهم حتى جرى ماء النيل في تلك النواحي حاملا الى الخلائق والناس والاراضي عناصر الخصب والحياة، واذا تاملت في كل ذلك فاذكر تضحيات الاباء والاجداد، ومبلغ ما بذلوه في سبيل رفاهية الاجيال والاعقاب، وتمهل في سيرك قليلا، واستمطر الرحمة على من استشهدوا في سبيل ذلك العمران، وتمثل بقول المعري:
خفف الوطأ ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد
وقبيح بنا وإن قدم العهد هوان الآباء والأجداد
قال الجبرتي في وصفه: "وكان الباشا سافر الى الاسكندرية بسبب ترعة الاشرفية، وامر حكام الجهات بالارياف يجمع الفلاحين للعمل، فاخذوا في جمعهم، فكانوا يربطونهم قطارات بالحبال وينزلون بهم المراكب، وتعطلوا عن زرع الدراوي الذي هو قوتهم، وقاسوا شدة بعد رجوعهم من المرة الاولى بعدما قاسوا ما قاسوه، ومات الكثير منهم من البرد والتعب، وكل من سقط اهالوا عليه تراب الحفر ولو فيه الروح، ولما رجعوا الى بلادهم للحصيدة طوبلوا بالمال وزيد عليهم عن كل فدان حمل بعير من التين، وكيلة قمح، وكيلة فول، واخذ ما يبيعونه من الغلة بالثمن الدون، الكيل الوافر، فما هم الا والطلب للعود الى الشغل في الترعة ونزح المياه التي لا ينقطع نبعها من الارض، وهي في غاية الملوحة، والمرة الاولى كانت في شدة البرد، وهذه المرة في شدة الحر وقلة المياه العذبة، فينقلونها بالروايا الى الجمال مع بعد المسافة وتاخر ري الاسكندرية:، وذكر انتهاء حفل الترعة في حوادث ربيع الاول سنة 1235 (ديسمبر سنة 1819) ، وختم كلامه بقوله: "ورجع المهندسون والفلاحون الى بلادهم بعدما هلك معظمهم، وذكر سفر محمد علي باشا الى الاسكندرية للاحتفال بفتح الترعة في حوادث ربيع الثاني سنة 1235 (يناير سنة 1820).
وفي يناير سنة 1820 فتحوا للترعة شرمًا بالاسكندرية علي البحر. وسمبت ترعة ومدينة المحمودية باسم السلطان محمود الثاني سلطان الآستانة لأن مصر أيام محمد علي كانت ولاية عثمانية
هذا وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى قد عقد اجتماعاً بمدينة الإسكندرية حضره محافظا الإسكندرية والبحيرة، والقيادات الأمنية والمحلية بالمحافظتين.
وتم استعراض خطط تطوير محور المحمودية، الذى يعد أحد المشروعات التى صدق عليها الرئيس خلال المؤتمر الوطنى الرابع للشباب بالإسكندرية.
ويساهم المشروع فى توفير شريان مرورى رئيسى جديد بمدينة الإسكندرية بما يساعد على تخفيف الكثافات المرورية بها، فضلاً عن القضاء على مظاهر الإهمال التى تعانى منها ترعة المحمودية على مدار السنوات الماضية والنهوض بالأوضاع فى المناطق المحيطة بمسارها.